في ثنايا الحوار الاجتماعي الذي جرى في قطاع التعليم، جرت اتفاقات كثيرة حول ملفات استعصت لمدة طويلة، لكن الحكومة آلت على نفسها حل كل المشاكل العالقة لإنجاح ورش مدارس الريادة ، وبعد حراك تعليمي واسع، جلست الحكومة تنصت للشارع ونبضه الحقيقي لتخط مسارا وصف بالإيجابي عموما، إلى أن وصلت للتنفيذ، ثم بدأ مسلسل التراجعات.
السيد عزيز أخنوش لا يعي ربما كلفة ذلك، ولا يعلم ربما جمرا متقدا يستجمع نفسه مرة أخرى تحت رماد هاته التراجعات، سواء في ملف الترقية بالشهادات، أو ما يسمى الزنزانة 10 ، أو التعويض التكميلي المؤجل، أو تخفيض الساعات، أو ما بقي من نقاط امتلأ بها فضاء الفايسبوك ..
وسأسرد لرئيس الحكومة حالة حقيقية يعيشها أستاذ قضى ويقضي في التدريس ما يربو عن 25 سنة، فقد بدأ المشوار بسنتي تكوين منذ سنة 2001، ثم التخرج سنة 2003، وها هو اليوم في سنة 2025، بعدما قضى بالضبط احتسابا لسنتي التكوين 24 سنة في التعليم حاملا لشهادة الماستر وقابعا في الزنزانة 10 بتعبير أهل الدار.. ما معناه
أنه ما استفاد من الترقي بالشهادات، لأنه حاصل على ماستر قانون الذي لم تدرجه وزارة التعليم في التخصصات المطلوبة، ولا هو استفاد من التسقيف لأن الحسبة ضيزى، تحولت من حال إلى حال وأقصت أصحاب الأقدمية.
حانق يحس بالظلم و الحكرة ، ثم تحدثه سيدي رئيس الحكومة المحترم عن مدارس ريادة ، وعن توجيهات الملك التي وضعت فيك الثقة للحرص على القطاع، فخيبت آماله.
فما سجل يوما أن جلالة الملك يتفق على شيء أو يقرر شيئا ثم يتراجع عنه، ولذلك، فتصريحاتك المتكررة بالانحياز للرؤية الملكية والحرص عليها، مردود عليك بواقع ما تمارسه الوزارة الوصية التي تحت إشراف وزير من حزبكم. إنكم سي عزيز تضربون التوجيهات الملكية السامية التي أوصتكم خيرا بالتعليم وأهله بعرض الحائط.
وحتى إذا حسبتها سياسيا وانتخابيا، فإنك توجه لنفسك ولا أحد غيرك، ضربات جزاء واضحة لتخليك عن كل الاتفاقات المبرمة.
وإنك بهكذا سلوك، تشعل نارا تحت رماد ما تحقق من زيادات لا ينكرها إلا حاقد جاحد.
فأن يقضي أستاذ 25 سنة من التدريس وهو مقبل على ثلاثين سنة قريبا دون أن تظهر بارقة أمل له في الترقي أو تغيير الإطار لأن الشروط التي وضعت أقصته بإجحاف ودون إنصاف، فإن ذلك يغضب المرء أكثر مما يرضيه، ويجعله في حالة عصيان مدني يرفض الريادة وغير الريادة.. والصحيح أن يتم تحفيزه وإعطاءه حقه، وذلك بتخصيص مناصب لنوعه من التخصص القانوني الوارد في شهادته للماستر، أو احتساب سنوات عمره التي قضاها في الفيافي والمداشر، وبعد ذلك، حدثه عن الريادة وعن جودة التعليم، حتما سيكون لك منصتا لأنك كنت منصفا.
غير هذا سيدي رئيس الحكومة المحترم، فإنك ظلمت العشرات من القابعين في الزنزانة 10 وحملة الشواهد المفترض إدماجهم المباشر كما كان معمولا به من قبل، وقد استبشروا خيرا بوعود حكومتك وبما تحكيه من مسارات إنجازات توقفت عجلتها في قطاع مفصلي هو التعليم، وأخلفت كل المواعيد.