مقدمة
يُعدّ التعليم بالكفايات من أهم المستجدات التربوية التي عرفها النظام التعليمي المغربي خلال العقود الأخيرة. فقد جاء هذا النموذج التربوي ليعوض المقاربة بالأهداف، بهدف جعل المتعلم فاعلًا في بناء تعلماته بدل أن يكون مجرد متلقٍ سلبي. فالكفاية ليست مجرد معرفة أو مهارة، بل هي قدرة شمولية على تعبئة المعارف والمهارات والمواقف لمواجهة وضعيات جديدة ومعقدة.
مفهوم الكفاية
تعرف الكفاية بأنها قدرة المتعلم على تعبئة موارد متعددة (معارف، مهارات، قيم) لمواجهة وضعية-مشكلة في سياق محدد.
بمعنى آخر، لا تقتصر الكفاية على امتلاك معارف جاهزة، بل على توظيفها بفعالية في مواقف واقعية تتطلب حل مشكلات أو اتخاذ قرارات.
مكونات الكفاية
تتكوّن الكفاية من ثلاثة عناصر أساسية:
1. المعارف (Savoirs): وتشمل المعلومات والمفاهيم النظرية التي يكتسبها المتعلم.
2. المهارات (Savoir-faire): وهي القدرات والإجراءات العملية التي تمكّن المتعلم من توظيف معارفه في الممارسة.
3. المواقف أو القيم (Savoir-être): وهي الجوانب الوجدانية والسلوكية التي تحدد طريقة تعاطي المتعلم مع الوضعيات المختلفة.
هذه المكونات الثلاثة تتفاعل في ما بينها لتجعل من الكفاية قدرة مركبة تُمكّن المتعلم من الأداء بفعالية في مواقف الحياة الواقعية.
خصائص التعليم بالكفايات
يركز على المتعلم باعتباره محور العملية التعليمية.
يعتمد على الوضعيات المشكلة كمنطلق للتعلم.
يسعى إلى تنمية التعلم الذاتي والاستقلالية.
يربط التعلم بالحياة الواقعية والسياقات اليومية.
يشجع على التقويم المستمر بدل الاقتصار على الامتحانات النهائية.
أنواع الكفايات
يمكن تصنيف الكفايات إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
1. كفايات نوعية: تخص مادة دراسية محددة (كالكفاية التواصلية في اللغة العربية).
2. كفايات عرضانية: تُكتسب عبر مواد متعددة مثل حل المشكلات أو التفكير النقدي.
3. كفايات استراتيجية: تمكّن المتعلم من التخطيط لتعلمه وتنظيم معارفه بذكاء.
أهمية التعليم بالكفايات في الممارسة الصفية
يعزز التعليم بالكفايات جودة التعلمات من خلال:
جعل المتعلم فاعلًا في بناء معارفه.
دمج التعلمات في وضعيات واقعية ذات معنى.
تطوير التفكير النقدي والإبداعي.
تحسين جودة التقويم وجعله أداةً للتعلم لا للحكم.
تمكين المدرس من أداء أدوار متعددة (موجه، مسهّل، محفز).
خاتمة
إن تبني المقاربة بالكفايات يشكل تحولًا نوعيًا في الممارسة التربوية، إذ يجعل التعلم أكثر عمقًا وارتباطًا بالحياة الواقعية. ولتحقيق ذلك، ينبغي للمدرس أن يبدع في تخطيط الدروس، وأن يعتمد على الوضعيات الديداكتيكية التي تثير التفكير، وتدفع المتعلم إلى تعبئة موارده بكيفية متكاملة.
فالتعليم بالكفايات ليس هدفًا في حد ذاته، بل هو وسيلة لتكوين متعلمين قادرين على التعلم مدى الحياة.