recent
آخر المواضيع

الذكاء العاطفي عند المدرّس وأثره في إدارة القسم

educa24maroc
الصفحة الرئيسية


 

🔹 مقدمة

لم يعد نجاح المدرّس يقاس فقط بمدى امتلاكه للمعرفة الأكاديمية أو البيداغوجية،
بل أصبح الذكاء العاطفي أحد أهم عوامل نجاحه في أداء مهامه التربوية.
فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن المعلم القادر على فهم ذاته، وضبط انفعالاته، والتعامل الإيجابي مع الآخرين،
يخلق بيئة صفية آمنة ومحفزة للتعلم.
في هذا المقال، سنتناول مفهوم الذكاء العاطفي، مكوناته، وأثره المباشر في إدارة القسم وتحسين العلاقة مع المتعلمين.


🔹 أولاً: مفهوم الذكاء العاطفي

الذكاء العاطفي هو القدرة على التعرف على المشاعر الذاتية ومشاعر الآخرين، وفهمها، والتعامل معها بفعالية.
وهو لا يقل أهمية عن الذكاء العقلي، بل يكمله ويعطيه بعدًا إنسانيًا في العلاقات التربوية.
يُعرفه دانييل جولمان (Daniel Goleman) بأنه:

“القدرة على التعرف على مشاعر الذات والآخرين، وتحفيز الذات، وإدارة العواطف بشكل فعّال في العلاقات الإنسانية.”


🔹 ثانياً: مكونات الذكاء العاطفي عند المدرّس

يتكوّن الذكاء العاطفي من خمسة أبعاد أساسية، تترجم إلى كفايات يحتاجها كل معلم داخل القسم:

  1. الوعي الذاتي:
    إدراك المدرّس لمشاعره، ومعرفة تأثيرها في تصرفاته وقراراته.
    فالمعلم الذي يعرف نفسه جيدًا يستطيع السيطرة على ردود أفعاله.

  2. التحكم الذاتي:
    قدرة المدرّس على ضبط انفعالاته أثناء المواقف الصعبة، مثل الفوضى الصفية أو الاستفزاز.
    هذا التحكم يمنحه هيبة وهدوءًا يجعلان المتعلمين أكثر احترامًا له.

  3. التحفيز الذاتي:
    الرغبة الداخلية في الإنجاز والنجاح رغم التحديات.
    فالمعلم المتحمس يُلهم طلابه ويغرس فيهم روح المثابرة.

  4. التعاطف (Empathie):
    فهم مشاعر المتعلمين ووضع نفسه مكانهم، خصوصًا عند مواجهة الصعوبات أو الفشل.
    فالتعاطف يبني الثقة ويقوّي العلاقة التربوية.

  5. المهارات الاجتماعية:
    حسن التواصل مع المتعلمين، الزملاء، وأولياء الأمور، مما يخلق بيئة تربوية منفتحة وإيجابية.


🔹 ثالثاً: أثر الذكاء العاطفي في إدارة القسم

يمكّن الذكاء العاطفي المدرّس من تحقيق توازن بين الصرامة واللطف،
وبين القيادة والحوار.
ومن أهم آثاره الإيجابية في إدارة القسم:

  • خلق مناخ صفّي آمن يسوده الاحترام المتبادل.

  • تقليص المشكلات السلوكية داخل الفصل.

  • زيادة دافعية المتعلمين ومشاركتهم الإيجابية.

  • تعزيز الانضباط الذاتي لدى التلاميذ من خلال القدوة.

  • تحسين التواصل وحل النزاعات بطريقة سلمية.

فالمعلم الذكي عاطفيًا لا يرفع صوته ليُفرض احترامه، بل يفرضه عبر الاحترام المتبادل والتوازن الانفعالي.


🔹 رابعاً: كيف يطوّر المدرّس ذكاءه العاطفي؟

يمكن للمدرّس أن يُنمّي ذكاءه العاطفي من خلال مجموعة من الخطوات العملية:

  1. التأمل الذاتي اليومي في المواقف الصفية: ما الذي أغضبني؟ كيف تصرفت؟ هل كنت عادلاً؟

  2. ممارسة الإصغاء الفعّال لتلاميذه وزملائه دون أحكام مسبقة.

  3. تقبّل النقد البنّاء وتحويله إلى فرصة للتطوير.

  4. تدريب الذات على التحكم في التوتر عبر التنفس العميق أو أخذ فترات راحة قصيرة.

  5. المشاركة في التكوينات التربوية التي تُعنى بالتواصل الفعّال وإدارة المشاعر.


🔹 خامساً: العلاقة بين الذكاء العاطفي والنجاح المهني

تشير البحوث التربوية إلى أن 80% من نجاح المدرّس المهني مرتبط بذكائه العاطفي،
في حين أن الذكاء العقلي لا يمثل سوى 20% فقط.
فالمعلم الذي يتواصل بلطف، ويتعامل بمرونة، ويُقدّر مشاعر الآخرين،
يحظى باحترام كبير من طرف المتعلمين والإدارة وأولياء الأمور، مما ينعكس إيجابًا على جودة التعلم.


🔹 سادساً: أمثلة واقعية من القسم

🔸 معلم يفقد أعصابه أمام خطأ بسيط، فيتسبب في إحباط المتعلم.
🔸 آخر يتعامل بهدوء ويُحوّل الخطأ إلى فرصة للتعلم والتصحيح.
كلاهما يمتلك نفس المؤهل العلمي، لكن الثاني يمتلك ذكاءً عاطفيًا يجعله أكثر نجاحًا واستقرارًا.


🔹 خاتمة

الذكاء العاطفي ليس موهبة فطرية فحسب، بل مهارة يمكن تعلمها وتنميتها عبر الممارسة والتأمل الذاتي.
إنه المفتاح السري لإدارة القسم بنجاح،
ولبناء علاقات إنسانية قائمة على الاحترام، الثقة، والتفاعل الإيجابي.
فالمعلم الذي يملك قلبًا واعيًا لا يعلّم بالكلمات فقط،
بل يُلهم بسلوكه، ويزرع في طلابه قيم التعاطف والاتزان والاحترام.

google-playkhamsatmostaqltradent