recent
آخر المواضيع

مجزوءة تقويم التعلمات

Educa24

مقدمة:

يعد التقويم جزءا مهما من عملية التعليم والتعلم على اعتبار أن هذه العملية تشكل بنية ونظاما متناسقا يشغل فيها التقويم وظيفة محدد على درجة كبيرة من الأهمية، ولا نبالغ إن قلنا أنه من أخطر الوظائف، وأن الفصل بين عملية التقويم وعملية التعليم والتعلم إنما اقتضته الضرورة المنهجية، وإلا فإن عملية التقويم هي عملية مصاحبة ومواكبة ومؤثرة في سيرورة التعليم والتعلم تخطيطا وتدبيرا.

تأسيسا على ما تقدم فإن تملك أطر التدريس لمفاهيم هذه المجزوءة في شقها النظري ليس من قبيل الترف الفكري غير المثمر، بل إنه يمكنهم من حسن التصور وتصحيح التمثل، والحكم على الشيء فرع عن تصوره.

تسعى هذه المجزوءة إلى تأهيل الأساتذة المتدربين لتملك إجراءات التقويم، ليتمكنوا من:

-          تملك أدوات وتقنيات التقويم في مختلف محطاته.

-          بناء أدوات تقويم لقياس مستويات تحقق الأهداف التعليمية ونماء الكفايات.

-          معايير الحكم والتقدير الموضوعيين على آداءات المتعلمين وإنجازاتهم في مجال موسع من الوضعيات.

-          تقنيات التصحيح وتحليل نتائج التقويم وتأويلها لاتخاذ القرارات المناسبة.

لقد جرت عادة المدرسين في تقويم التعلمات – وفق المقاربات التي أضحت منتهية الصلاحية – أن يتمركز تقويمهم على المحتويات المؤسسة على المعارف، ولا يزال هذا النمط هو الجاري به العمل في الممارسات التقويمية لفئة عريضة من المدرسين وفق ما يصرح به المؤطرون التربويون في الزيارات الصفية التي يقومون بها، حيث لاحظوا أن هذه الفئة لم تقطع بعد مع الممارسات التقليدية التي تقيس مرقى واحدا من المراقي الذهنية، وهو التذكر عبر أسئلة استرجاعية تقيس فقط مدى استحضار المتعلم للمعارف.

وإنما قدمت بهذا الملحظ، وأنتم مقبلون على تحمل مسؤولية القسم لنبيهكم أن تولوا وجهتكم جهة الاختيار والتوجه الحديث في بلادنا في مجال المقاربة البيداغوجية وهي "المقاربة بالكفايات" باعتبارها مدخلا للمنهاج الدراسي.

تستند هذه المقاربة البيداغوجية وفق مدخل الكفايات على مبادئ أساسية أنتقي منها في هذا المقام ما أره أكثر ارتباطا ولصوقا بعملية التقويم، وإن كانت العمليات السابقة لا تنفصل عنها، وأن هذه المبادئ تفرض على المدرس استحضارها.

-          وهو يخطط لدرسه (مرحلة المدخلات).

-          وأثناء تدبيره وممارسته الصفية (مرحلة العمليات).

-          وصولا إلى تقويم التعلمات (مرحلة المخرجات).

إن الذي يعنينا من هذه المبادئ هو ضرورة استخضارها أثناء تقويم المدرس للمتعلمين، من هذه المبادئ:

-          تعدد ذكاءات المتعلمين.

-          اعتبار الارتباط بين المتعلم والسياق الاجتماعي.

-          اعتبار أن التعلمات الأكيدة هي تلك التي تكون ذات دلالة وفاعلية في بناء الذات وتنمية الحس النقدي وحل المشكلات.

-          اعتبار أن قيمة التعلمات في بناء الكفايات تتجلى بالأساس في وظيفيتها.

-          اعتبار عملية التعليم عملية بناء مركبة وهيكلة مستمرة للمعارف وليس تراكما كميا لها.

تأسيسا على ما تقدم، لم يعد مناسبا إجراء التقويم فقط لأجل التقييم الكمي أو الكيفي، فوفق معطيات علم النفس المعرفي وما أنتجه علم الدوسيمولوجيا فإننا لا نقوم لأن الوثائق الرسمسية تفرضها أو لأن المدرس سيحدد الجزاء المناسب للمتعلمين.

"إننا لا نعلم لنقوم، بل نقوم لنعلم".

هذه العبارة لم أسمعها من غيري، ولم أقرأها في كتاب، وإنما هي عبارة صغتها وفق ما انتهيت إليه بتجربتي في ممارسة المهنة، وأقصد بها أننا نقوم:

-          لرصد الحاجات التي يعبر عليها المتعلمون والمتعلمات.

-          لتشخيص الصعوبات وتحديد الاختلالات التي تعتري سيرورة تعلمهم ومعالجة تعثراتهم.

-          لاختبار نجاعة اشغال المدرس بيداغوجيا وديداكتيكيا، بل وصلاحية البرامج والمنهاج الدراسي.

إن التقويم ليس عملية سهلة كما قد يتصرف إلى الأذهان، بحيث تنتهي العملية بإعداد عدد أسئلة اختبار وإصدار أحكام قيمة عليها بعد إنجازها من المتعلمين، بل هي عملية معقدة ومركبة تتدخل فيها العديد من المتغيرات، ولذلك ليس من قبيل الترف الفكري تخصيص هذه المجزوءة بالدراسة لتكون ضمن عدة تكوين الأساتذة المتدربين.

ويكفيك في بيان أهمية التقويم التنبيهات الآتية:

إن أول عمل ستقومون به عندما تتحملون مسؤولية القسم هو تشخيص المكتسبات وتقويم المستلزمات.

وأول عمل ستقومون به عند الشروع في إرساء التعلمات في بداية الدرس هو التقويم التشخيصي.

وأثناء مرحلة بناءه ستقومون بالتقويم التكويني، وعند نهاية الدرس ستقومون بالتقويم النهائي.

وعند نهاية كل أسدس، ونهاية السنة ستقومون بالتقويم الإجمالي. إن التقويم سيكون آخر عمل تختمون به العام الدراسي. فالتقويم به تفتتح السنة الدراسية، وهو مواكب يتخللها في مختلف المحطات التعليمية، وبه تختتم، فكفى بهذا تنبيها إلى قيمته في المنظومة التربوية.

التقويم: تأسيس مفاهيمي:

هو عملية منظمة تقوم على توظيف أدوات متنوعة لجمع معطيات حوصل حصيلة التعلم، وفحص مدى مطابقة هذه المعطيات لمعايير ومعطيات مرتبطة بأهداف وكفايات محددة سلفا، وإصدار الحكم المناسب بهدف اتخاذ قرار ملاءم.

قيود التعريف:

1-      عملية منظمة: ليست عملية عشوائية متروكة للارتجال، بل هي عملية معقلنة يتقدمها تصور واضح وتخطيط محكم.

2-      توظيف أدوات متنوعة: يستعمل المقوم أدوات متعددة لتقويم الأهداف ونماء الكفايات (روائز، اختبارات، شبكات ملاحظة...)

3-      جمع معطيات:

يجمع المقوم معطيات حول سيرورة التعلم، ومدى حدوث بعض التغيرات لدى المتعلم الناجمة عن مختلف الخبرات التي تعرض لها (الموارد التي اكتسبها) وهذا يقتضي من المدرس أن يكون ضابطا لنقطة انطلاق المتعلم والمستوى الذي كان عليه عند مرحلة تشخيص المكتسبات.

4-      فحص مدى المطابقة:

ينتهي المقوم بعد تحليل النتائج إما إلى:

-          وجود التطابق: بين الأهداف المسطرة والكفايات والنتائج المحققة، حيث يكشف عن قدرة المتعلمين على تطبيق تعلماتهم وتوظيفها في وضعيات معينة.

-          أو وجود فارق: بين الأهداف المسطرة والكفايات والنتائج المحققة.

5-      إصدار الحكم المناسب بهدف اتخاذ قرار ملاءم:

القرار الملاءم يشمل المتعلم والمقوم نفسه:

يشمل المتعلمين:

-          بالتعزيز الإيجابي والتشجيع للمتمكنين لحفزهم على الاستمرار.

-          بالتخطيط للمستقبل الدراسي للمتعثرين باتخاذ تدابير ملاءمة ودقيقة لتفعيل كفاياتهم وتطويرها.

-          القرار يختلف حسب نوع التقويم كما سيأتي عند التعرض لأنواع التقويم.

يشمل الأستاذ:

يعيد النظر في طريقة اشتغاله، في الطرائق البيداغوجية والديداكتيكية، ومن ثم تصحيح الممارسة الصفية.

التقويم التشخصي

التقويم التكويني

التقويم الإجمالي

يطلق عليه كذلك: القبلي، التمهيدي، الاستكشافي

يطلق عليه كذلك: الجزئي، البنائي، التطويري، المرحلي

يطلق عليه كذلك: البعدي، الختامي، النهائي.

يرتبط ب: بداية التعلمات:

بداية السنة، بداية وحدة، بداية درس.

يرتبط ب: إرساء التعلمات وسيرورتها، وأثناء بنائها.

يرتبط ب: نهاية التعلمات.

(نهاية السنة، أسدوس، درس)

الهدف منه:

-          جمع معطيات تتعلق بدرجة تحصيل التعلمات السابقة للوقوف على إمكانيات المتعلمين وقدرتهم على مسايرة التعلمات الجديدة. (تحديد مكامن القوة والضعف في كفايات المتعلمين).

-          تحديد الخصوصيات الفردية والجماعية للمتعلمين التي يمكن أن يكون لها أثر إيجابي أو سلبي في مسار تعلمهم (وهنا يكمن الاستئناس في عملية التشخيص بأساتذة السنة السابقة / أساتذة المواد الأخرى للسنة نفسها، رفاق الفصل، يمكن اعتماد الملف الخاص للمتعلم لكن التقديرات قد تكون غير موضوعية).

-          جامع الهدفين المتقدمين: المدرس يحلل الأساسيات والخصوصيات.

الغاية التربوية: إنصاف المتعلمين بجعلهم في مستوى متقارب.

الهدف منه:

-          يقدم للمدرس والمتعلم عملية الارتداد أي التغذية الراجعة التي تخص تطور التعلم.

-          توجيه تحصيل التعلمين في الاتجاه الصحيح وتحديد جوانب القوة لتعزيزها ومواطن الضعف لمعالجتها.

-          إطلاع المتعلمين على نتائج تعلمهم لإثارة دافعيتهم وحفزهم.

-          تجويد التعلمات عبر مصاحبة المتعلمين طوال سيرورة تحصيل التعلمات وتنمية الكفايات.

الغاية التربوية: إنصاف المتعلمين بجعلهم في مستوى متقارب.

الهدف منه:

-          التأكد من تحقق أهداف التعلم واكتساب الموارد ونماء الكفايات.

-          قياس الفرق بين ما تحقق وما هو مطلوب.

-          يسمح بوضع تقديرات كمية ونوعية والحكم على مستوى المتعلمين ومن ثم اتخاد قرارات مناسبة بشأن تحصيلهم.

الغاية التربوية: حسن توجيه المتعلمين.

الغاية الإدارية: تصنيف المتعلمين ومن ثم اتخاذ قرار الانتقال إلى المستوى الأعلى.

القرارات:

ü      علاج الصعوبات التي تعترض المتعلمين قبل إكسابهم كفايات جديدة عن طريق برمجة حصص للدعم الذي تختلف صيغته باختلاف نتائج التقويم.

مثاله إن كان التقويم متعلقا ببداية السنة الدراسية فإن المنهاج الدراسي وكذا المقرر الوزيري المنظم للسنة الدراسية الحالية ينصان على إنجاز التقويم التشخيصي في الأسبوع الأول من بداية السنة الدراسية، والدعم في الأسبوعين المواليين.

ü      تحديد استراتيجية التعليم وإيقاعه الملائمين لجماعة الفصل.

وظيفته: توجيهية.

القرارات:

ü      يسجل الأستاذ في الخانة المخصصة للملاحظات للمذكرة اليومية في كل حصة أنواع الأخطاء التي تصدر من المتعلمين ليعمل على معالجتها في الحصة نفسها وفي الحصص المبرمجة للدعم في اليوم الأخير من الأسبوع وفي الأسبوع الخامس من كل وحدة.

ü      ترشيد التعليم عبر ملاءمة تخطيط التعلمات وتدبيرها لحاجات المتعلمين.

ü      التبصر في الطرائق والأساليب والممارسات المعتادة، وإعادة النظر في أدوات التعلم المستعملة.

وظيفته: تعديلية.

القرارات:

ü      توجيه المتعلمات والمتعلمين.

ü      مقارنة نتائج المتعلمات والمتعلمين.

ü      مقارنة درجة التحكم الفعلي في للكفايات بدرجة التحكم المطلوب.

ü      فحص برامج ووسائل التعليم من أجل اتخاذ قرارات التطوير والتعديل اللازمين لإعطاء معنى للتعلمات وتمكين المتعلمين من تحصيل جيد.

وظيفته: جزائية، إشهادية، مصادقة.

من حوامل التقويم الإجمالي:

-          المراقبة المستمرة.

-          الامتحان الموحد المحلي على صعيد المؤسسة.

-          الامتحان الموحد الإقليمي.

تحذير:

من الأخطاء التربوية والبيداغوجية والتربوية المنافية لوظيفة التقويم التي يزل بها بعض الأساتذة أن يكون همهم في تفييء المتعلمين ليس بنية معالجة كل فئة بما يلائمها، وإنما بنية تعرف الفئة التي سيضمن أنها ستتفاعل معه ومن ثم يجري حواراته معها ويصدر قراره الظالم بكون الفئات الأخرى ميؤوس منها فيلهمها، والأصل هو أن التركيز يجب أن يتجه إلى الفئات المتعثرة والمتوسطة لتطوير تعلماتها ومساعدتها على تطوير تعلماتها.

 

ملحظ:

التقويم نهاية الدرس يصدق عليه كونه إجماليا بالنظر إلى موقعه النهائي الذي يجمل فيه الأستاذ نتائج الدرس ضمانا للتحقق الأهداف، وأما بالنظر إلى وظيفة التقويم الإجمالي الإشهادية فلا يصدق ذلك على نهاية درس، لأجل ذلك جرى عرف الاستعمال أن يطلق هذا المصطلح.

بعض خصوصياته:

·         ينبغي التذكير أن لبعض أشكال التقويم أكثر من دور، منها الدور التشخيصي والتكويني (ص: 36، مستجدات المنهاج).

-          فهو تشخيصي: باعتبار تشخيص المكتسبات.

-          وهو تكويني: لأن المقوم يحاول تقوية مكتسبات المتعلمين لتيسير التعلمات الجديدة.

·         بخصوص التقويم التشخيصي أول السنة من أجل تمريره في ظروف جيدة ولما يترتب عنه من نتائج تفيد الأستاذ في اختيار الطرائق البيداغوجية لجماعة الفصل، يستحسن تهييء المتعلمين نفسيا للانخراط فيه بارتياح، وذلك لإخبارهم بأن الهدف منه ليس هو التقدير الكمي بعد التصحيح حيث أن نقطته لا تحتسب، وإنما القصد مساعدتهم لمعرفة الموارد التي حصل لهم تعثر فيها قصد معالجتها، ومن ثم وجب حفزهم للاشتغال بشكل فردي ضمانا للتشخيص الموضوعي.

·         المعني بالتقويم التشخيصي: المتعلم أولا ثم المقوم (الأستاذ)، الإدارة التربوية، هيأة التأطير التربوي، الوزارة الوصية.

بعض خصوصياته:

إنه أفضل أنواع التقويم لأنه يحصل بطريقة تفاعلية، حيث يتم استثمار الأخطاء وتوظيفها في التعلم الذاتي، لأن المتعلم يقف على أخطاءه وتعثراته، ولذلك فإن من أهم البيداغوجيات التي يستند إليها هذا النوع من التقويمات هو بيداغوجيا الخطأ، نستحضر هنا قولة مونتيسوري:

L’élève a droit à l’erreur, mais l’erreur corrigée.

·         المعني بالتقويم التكويني: المتعلم فقط لأنه يتمكن من معرفة أخطاءه وتصحيحها.

بعض خصوصياته:

ü      يحظى بأهمية في مدخل الكفايات لأننا ننظر من خلاله إلى مدى نماء الكفايات.

·         المعني بالتقويم الإجمالي: المتعلم أولاـ الآباء، الإدارة التربوية، هيأة التأطير التربوي، الوزارة الوصية.

بقلم الدكتور الأستاذ: مصطفى القصاب

عن المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين – فرع الصويرة


google-playkhamsatmostaqltradent