# *الإعلام والمساعدة على التوجيه بالمؤسسات التعليمية الخصوصية*
---
## *تقديم*
يُعد التعليم المدرسي الخصوصي بالمغرب أحد المكونات الأساسية لمنظومة التربية والتكوين بجميع أسلاكها التعليمية: الابتدائي والثانوي والتعليم العالي. وقد أكد *القانون الإطار رقم 51.17* المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي على أن التعليم الخصوصي يشكل *شريكًا استراتيجيًا* في تحقيق أهداف الإنصاف والجودة وتكافؤ الفرص، وذلك إلى جانب التعليم العمومي الذي تسهر الدولة على ضمان مجانيته وجودته.
كما نص القانون الإطار المذكور على ضرورة *تعبئة مختلف الفاعلين والشركاء* للنهوض بجودة المنظومة، وجعل *التوجيه التربوي والمهني* رافعة أساسية لمساعدة المتعلمين على بناء اختياراتهم الدراسية والمهنية بشكل واعٍ ومسؤول.
أما *النظام الأساسي الجديد لموظفي وزارة التربية الوطنية (2024)* فقد أعاد الاعتبار لمهنة المستشار في التوجيه التربوي، محددًا مهامه وضامناً حقوقه المهنية والتكوينية، بما في ذلك قيامه بمهام الإعلام والمساعدة على التوجيه.
---
## *I. التوجيه التربوي بالمؤسسات التعليمية الخصوصية: الواقع الراهن*
يلاحظ منذ مدة أن عمل أطر التوجيه التربوي بالمؤسسات التعليمية الخصوصية لا يخضع دائمًا لتنظيم دقيق، بل يتسم في كثير من الأحيان *بالظرفية والموسمية، رغم أن القانون الإطار أقر بأن التوجيه التربوي يجب أن يكون **وظيفة مستمرة ومندمجة* في العملية التعليمية.
ومن أبرز الملاحظات الراهنة:
* قيام بعض أطر التوجيه بمهام داخل مؤسسات خصوصية متعددة دون ترخيص رسمي من الأكاديميات الجهوية، وهو ما يخالف مقتضيات النظام الأساسي الجديد الذي يشدد على ضرورة *الترخيص المسبق* لأي نشاط مهني موازٍ.
* اقتصار خدمات التوجيه، في كثير من الحالات، على *الإعلام المدرسي والجامعي الجماعي*، دون برمجة مقابلات فردية منتظمة أو استعمال دعائم رقمية ومطبوعة كما أوصت بذلك المادة 33 من القانون الإطار.
* ندرة *الفضاءات المجهزة الخاصة بالتوجيه* داخل المؤسسات الخصوصية، رغم أن الوثائق التأطيرية الجديدة تدعو إلى إحداث *فضاءات الإعلام والمساعدة على التوجيه* في جميع المؤسسات التعليمية.
* ضعف اشراك المستشار في التوجيه ضمن الحياة المدرسية للمؤسسات الخصوصية، وعدم إشراكه بصفة منتظمة في مجالس التوجيه أو المجالس التعليمية.
* غياب التنسيق بين المؤسسات الخصوصية والأكاديميات الجهوية في تتبع نتائج التوجيه ومشاريع التلاميذ الشخصية.
كل ذلك يجعل أنشطة التوجيه التربوي بالمؤسسات الخصوصية *تركز على الإعلام العام أكثر من المواكبة الفردية* و المشروع الشخصي للمتعلمين، وهو ما يتنافى مع فلسفة التوجيه الجديدة التي أرساها كل من القانون الإطار والنظام الأساسي، القائمة على *الاستمرارية والمرافقة والتمكين من المشروع الشخصي للتلميذ*.
---
## *II. نحو تطوير وتنظيم خدمات التوجيه التربوي بالمؤسسات التعليمية الخصوصية*
وحيث إن القانون الإطار رقم 51.17 أكد أن التعليم الخصوصي جزء لا يتجزأ من المنظومة الوطنية ويخضع لنفس البرامج والمناهج والمعايير التربوية المعتمدة في التعليم العمومي، فإن خدمات *الإعلام والمساعدة على التوجيه* ينبغي أن تغطي مؤسسات التعليم الخصوصي ضمن تصور مندمج ومنظم، يعتمد على المبادئ التالية:
---
### *1. تنظيم التغطية بالتوجيه التربوي*
* *إسناد مؤسسة خصوصية أو أكثر* إلى المستشار في التوجيه التربوي *بناءً على ترخيص رسمي* من طرف الأكاديمية الجهوية أو المديرية الإقليمية، مع مراعاة:
* منطق *الروافد* بين المؤسسات الخصوصية ومؤسسات التعليم العمومي.
* *القرب الجغرافي* من القطاع المدرسي للمستشار.
* *مبدأ التوازن العددي* في عدد التلاميذ .
* *موافقة الأطراف المعنية* (الأكاديمية، المستشار، المؤسسة الخصوصية).
---
### *2. البرمجة والتنظيم*
* يضع المستشار في التوجيه *برنامجًا سنويًا مفصلًا للأنشطة* (الإعلام، المقابلات الفردية، تتبع المشاريع الشخصية، المواكبة الجامعية والمهنية)، يوقع عليه كل من مفتش التوجيه، المدير الإقليمي، ومدير المؤسسة الخصوصية.
* يعتمد المستشار *دفتر تحملات خاصًا* ينظم التزامات الأطراف، ويشمل تجهيز فضاء خاص بالتوجيه (مكتب، حاسوب، طابعة، عارض رقمي...) وتنظيم حصص منتظمة لفائدة التلاميذ وأوليائهم.
* تفعيل *المنظومة الرقمية للتوجيه المدرسي والمهني* التي تعمل الوزارة على تطويرها، ضمانًا للتنسيق والتتبع.
* *تتبع وتقييم تنفيذ البرنامج* من طرف المفتشية الجهوية للتوجيه التربوي، طبقًا للمقاربة الجديدة للتقويم المنصوص عليها في القانون الإطار.
---
### *3. الوضعية الإدارية والمهنية للمستشار في التوجيه*
* يضمن *النظام الأساسي الجديد لموظفي التربية الوطنية* للمستشار في التوجيه وضعية مهنية واضحة، مع الحق في التكوين المستمر، والتعويض عن المهام، والاعتراف بعمله في المؤسسات الخصوصية في إطار رسمي ومنظم.
* يخضع اشتغاله بالمؤسسات الخصوصية *لترخيص إداري وقانوني محدد، لا لمنطق الحصة الدراسية، بل لمنطق **المهمة التربوية المهيكلة* وفق المستجدات الجديدة للتوجيه والإرشاد التربوي.
* يُراعى في ذلك *عدم المساس بالمهام الأصلية للمستشار داخل القطاع العمومي*، وضمان التوفيق بين مهامه في المؤسستين العمومية والخصوصية.
---
### *4. التحفيز والشراكة*
من أجل الرفع من جودة خدمات الإعلام والمساعدة على التوجيه بالمؤسسات الخصوصية، أصبح من الضروري إرساء *نظام تحفيزي منصف وواضح* يضمن تشجيع المستشارين على الانخراط الفعّال في هذا الورش، مع *فتح آفاق الشراكة* بين المديريات الإقليمية والجمعيات المهنية لأطر التوجيه التربوي و مؤسسات التعليم الخصوصي.
* يتم تحفيز المستشارين في التوجيه التربوي وفق *آليات قانونية وشفافة*، تشمل التعويض عن المهام الإضافية و التنقل و التأطير، والمشاركة في برامج التكوين المستمر والتأطير .
* تُشجع الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية على *عقد اتفاقيات شراكة* مع *الجمعيات المهنية لأطر التوجيه التربوي*، بهدف:
* تقاسم الخبرات والتجارب الناجحة في مجال الإعلام والتوجيه.
* المساهمة في إعداد وتنشيط اللقاءات التكوينية لفائدة الأطر العاملة بالمؤسسات الخصوصية.
* تطوير موارد ودعائم رقمية مشتركة موجهة للتلاميذ وأوليائهم.
* تُمكن هذه الشراكات من *خلق دينامية مهنية جماعية* تجعل من المستشار فاعلًا تربويًا معترفًا بدوره ضمن منظومة مندمجة تجمع بين الفاعل العمومي والخصوصي والمهني.
---
## *خاتمة*
وحيث إن التعليم الخصوصي يشكل قطاعًا تربويًا واستثماريًا في آن واحد،
وحيث إن القانون الإطار رقم 51.17 أكد مبدأ *تكافؤ الفرص والإنصاف في التوجيه والخدمات التربوية* بين التعليمين العمومي والخصوصي،
وحيث إن النظام الأساسي الجديد رسخ مكانة المستشار في التوجيه التربوي كفاعل رئيسي في مواكبة المتعلمين ومصاحبتهم في اختياراتهم الدراسية والمهنية،
وحيث إن وضعية المستشار في المؤسسات الخصوصية ما تزال تعرف بعض الغموض التنظيمي،
فإنه بات من *الضروري وضع إطار قانوني وتنظيمي واضح* يحدد بدقة:
1. مسطرة إسناد مؤسسات التعليم الخصوصي إلى مستشاري التوجيه التربوي وفق معايير قانونية وشفافة.
2. علاقة المستشار بالمؤسسة الخصوصية من حيث المهام، الجدولة الزمنية، وطرق التعويض.
3. إلزام المؤسسات الخصوصية بإحداث فضاءات مجهزة للتوجيه، وتخصيص زمن مدرسي قار له، وفق ما نص عليه القانون الإطار .
4. إرساء نظام *تحفيزي وشراكات مهنية مؤطرة قانونيًا* لضمان استدامة الأداء وجودة الخدمات.
5. إخضاع أنشطة التوجيه بالمؤسسات الخصوصية للتقويم الدوري والمراقبة ضمانًا للجودة والإنصاف.
إن تفعيل هذه المقتضيات سيسهم في *ترسيخ ثقافة التوجيه المستمر والمسؤول* داخل مؤسسات التعليم الخصوصي، ويجعل من المستشار في التوجيه التربوي *فاعلًا أساسيًا في جودة التعلمات وتنمية الرأسمال البشري*، انسجامًا مع رؤية الإصلاح الشامل التي يقودها القانون الإطار والنظام الأساسي الجديد.
وفي الختام، فإن تعزيز مأسسة التوجيه داخل المؤسسات الخصوصية سيُسهم في تحقيق **العدالة التربوية وتكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين.
---
## *المراجع المعتمدة*
* القانون الإطار رقم *51.17* المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الجريدة الرسمية، 2019.
* *النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية*، مرسوم رقم 2.23.819، 2024.
* قرار زير التربية الوطنية والتكوين المهني و التعليم العالي و البحث العلمي رقم 62.19 صادر في 07 أكتوبر 2019 بشأن التوجيه المدرسي و المهني و الجامعي
* .**