recent
آخر المواضيع

كيف تقرأ الإشارات المختلطة في لغة الجسد (وتتجنب إرسالها أيضاً)

 

أصبح فهم الآخرين بدقة في عالمنا المتسارع مهارة لا غنى عنها، بينما تشكل الكلمات وسيلة للتعبير؛ إذ يمثل التواصل غير اللفظي النسبة الأكبر من التأثير في الرسائل الإنسانية، ومن بين أهم عناصر هذا النوع من التواصل، نجد لغة الجسد، التي قد تنقل مشاعر خفية، أو تكشف نوايا لا يُفصح عنها بالكلام، ولكن ماذا يحدث عندما تتعارض الإشارات الجسدية مع الكلمات المنطوقة؟

المؤلف

هيئة التحرير آخر تحديث: 02/06/2025 4 دقيقة لغة الجسد حفظ المقال رابط المقال Article Link شارك فهرس +

تظهر هنا ما يعرف بالإشارات المختلطة في لغة الجسد، التي قد تؤدي إلى ارتباك وتفسير غير دقيق للرسائل.

ما هي الإشارات المختلطة في لغة الجسد؟ لفهم هذا المفهوم كاملاً، علينا أن نميز بين لغة الجسد المتسقة وتلك التي تتعارض مع ما يُقال، فعند الحديث عن الإشارات المختلطة، نتعامل مع حالة تباين بين المظهر والسلوك والرسالة المنطوقة؛ إذ يظهر هذا التناقض في مواقف يومية كثيرة دون أن ننتبه، وغالباً ما يكون غير مقصود، لكنَّه يحمل أثراً كبيراً في تفسير سلوكات الآخرين.

تعريف الإشارات المختلطة هي تلك الحالات التي يرسل فيها الشخص أكثر من رسالة واحدة في الوقت نفسه، بحيث فتتضارب فيما بينها، وعندما يقول "أنا بخير" بينما يشيح بنظره بعيداً ويطأطئ رأسه، نشعر بأنَّه ليس كذلك؛ إذ تؤثر هذه التناقضات في قراءة الإشارات غير اللفظية، وتحدُّ من قدرتنا على الحكم بدقة على المواقف أو المشاعر.

أمثلة عن الإشارات المختلطة الابتسام عند الشعور بالغضب. قول "لا بأس" بينما تكون النبرة منزعجة. استخدام إيماءات جسدية مغلقة في التحدث عن الانفتاح. تجاهل التواصل البصري في التأكيد على الثقة بالنفس. توضح هذه الأمثلة أهمية تحليل تعابير الوجه وسلوك الجسد، وعدم الاعتماد فقط على الكلمات.

لماذا يرسل الأشخاص إشارات مختلطة؟ رغم أن بعض الإشارات المختلطة قد تكون مقصودة، إلَّا أنَّ كثيراً منها ينجم عن حالات نفسية، أو ضعف في مهارات التواصل غير اللفظي، فالأشخاص لا يسعون دائماً إلى تضليل من حولهم، لكنَّهم قد يواجهون صعوبة في التعبير الجسدي المتسق، خصيصاً تحت الضغط أو القلق، ولفهم هذه الظاهرة، علينا التعمق في الأسباب المحتملة التي تجعل بعضهم يُظهر تناقضاً في تواصله.

  1. التوتر أو القلق عندما يمر الإنسان بحالة نفسية غير مستقرة، تنعكس تلك الحالة على جسده، فالتوتر يجعل التحكم في الحركات وتعبيرات الوجه أمراً صعباً، ويؤدي إلى إرسال الإشارات المختلطة في لغة الجسد دون وعي.

  2. عدم الوعي بلغة الجسد لا يدرك كثير من الناس أنَّ سلوكهم الجسدي يحمل رسالة قائمة بذاتها، فهذا النقص في الوعي يضعف قدرتهم على تجنب الإشارات المختلطة، ويؤثر في التواصل الواضح والفعال، خصيصاً في المواقف الرسمية أو في المقابلات الشخصية.

  3. محاولات إخفاء المشاعر الحقيقية نُخفي أحياناً ما نشعر به، سواء بدافع المجاملة أم الخوف من المواجهة، ولكنَّ تحليل تعابير الوجه ومراقبة الإشارات الجسدية تكشف غالباً عن التناقض بين المظهر والحقيقة، وهنا تظهر الإشارات المتناقضة في التواصل، التي تفقد الشخص جزءاً من مصداقيته؛ إذ يبتسم بعضهم رغم الشعور بالحزن أو الإحباط.

كيف تفسر الإشارات المختلطة بدقة؟ لا يُعتمَد على ملاحظة واحدة أو انطباع سريع لفك شفرة الإشارات المختلطة؛ بل يجب تطوير القدرة على الملاحظة الدقيقة، والربط بين ما يُقال وما يُرى، مع مراعاة السياق الكامل للتواصل، فالفهم العميق لهذا الجانب يحسن القدرة على فهم سلوكات الآخرين والتفاعل بذكاء اجتماعي.

  1. تحليل لغة الجسد بالكامل لا تركز على تعبير وجه واحد أو حركة يد عابرة عند تحليل أي موقف؛ بل لاحِظْ توازن الجسد، واتجاه العينين، وحركة القدمين، وحتى التنفس؛ إذ تفسر هذه الطريقة الشمولية الإشارات المختلطة في لغة الجسد بدقة.

  2. مراقبة التناقض بين الإشارات اللفظية وغير اللفظية إذا لاحظت أنَّ الشخص يقول شيئاً ويتصرف خلافه، فغالباً ما تكون الرسالة الجسدية هي الأصدق، وهنا يظهر التناقض بوضوح، ويبرز دور تفسير لغة الجسد في إدراك الرسالة الحقيقية.

  3. الانتباه إلى لغة العيون تعد العيون من أكثر أجزاء الجسد تعبيراً، فهي تكشف شعور الشخص بالخوف أو التردد أو الغضب أو حتى الكذب؛ لذا تعد العيون أداة محورية في قراءة الإشارات غير اللفظية بعمق.

  4. تحليل الموقف والسياق العام لن تكون الإشارات مفهومة ما لم توضع ضمن سياقها الزمني والمكاني والاجتماعي، فالتوتر في مقابلة عمل مثلاً قد يُفسَّر بوصفه إشارة مختلطة، لكنَّه في الواقع نتيجة طبيعية للضغط؛ لذا تحتاج لغة الجسد في بيئات العمل إلى تحليل مخصص يأخذ بالحسبان السياق المهني.

  5. كيف تتجنب إرسال إشارات مختلطة؟ ينبغي تطوير الوعي الذاتي، وتحسين أدوات التعبير غير اللفظي لإيصال رسائل واضحة وصادقة، فالشخص الذي يدرك حركاته ونبرة صوته وتعبيرات وجهه يتحكم في ما ينقله من رسائل، بالتالي يقلل احتمالية الوقوع في فخ الإشارات المختلطة في لغة الجسد، وذلك من خلال:

    1. وعي أكبر بلغة جسدك راقِب نفسك في الحديث، ولاحِظْ كيف يتحرك جسدك عند التوتر أو الفرح أو الانزعاج، فهذا الوعي هو أول خطوة لتحسين مهارات لغة الجسد وجعل تواصلك أكثر اتساقاً.

    2. التدريب على التواصل الواضح استخدِم التمرينات والمواقف التمثيلية لتطوير مهارات التواصل، وألقِ الحديث، وتفاعَل مع الآخرين تفاعُلاً يُظهر التناغم بين كلامك وجسدك، بالتالي يُجنِّبك هذا التدريب الإشارات المختلطة.

    3. تحسين التحكم في المشاعر سيطِرْ على ردود الفعل الجسدية العفوية من خلال تقنيات الاسترخاء والتنفس العميق، فكلما تحكمت بمشاعرك، تواصلتَ بوضوح وفعالية.

    4. طلب الملاحظات من الآخرين اطلب رأياً صادقاً من شخص تثق به، فأحياناً لا نلاحظ إشاراتنا المختلطة، إلَّا عندما يُلفت نظرنا إليها الآخرون، فتفهم سلوكات الآخرين وتكشف نقاط التحسين لديك.

    إقرأ أيضاً: 10 نصائح لإتقان الأنماط الأربعة من مهارات التواصل تحليل علمي لدور الإشارات المختلطة في التواصل تؤكد الدراسات الحديثة أنَّ التناسق بين الرسائل اللفظية وغير اللفظية، يزيد المصداقية والتأثير، ففي دراسة نشرت عام 2022 في Journal of Nonverbal Communication، وُجد أنَّ من يرسلون إشارات مختلطة باستمرار، يُنظر إليهم على أنَّهم أقل صدقاً وتأثيراً في بيئة العمل والمواقف الاجتماعية.

    كما أوضحت الدراسة أنَّ السر في تفسير الإشارات المختلطة في لغة الجسد، لا يكمن في عزل الإيماءة أو التعبير؛ بل في قراءة التواصل ككل سواء كان سياقاً أم نبرة صوت أم تفاعلات جسد.

    إقرأ أيضاً: كيف تجعل قراءة لغة الجسد حياتك أفضل؟ في الختام تمثل القدرة على قراءة الإشارات غير اللفظية، وتفادي إرسال الإشارات المختلطة في لغة الجسد مهارة حاسمة في الحياة اليومية والمهنية، ومن خلال التدريب، وزيادة الوعي، وتحليل المواقف بعمق تحسن جودة تواصلك، وتعزز حضورك وتأثيرك.

    لا تدع التناقض بين أقوالك وسلوكك يقلل من مصداقيتك، واجعل لغة جسدك تعكس نواياك الحقيقية، وكن واعٍ للرسائل التي تنقلها دون أن تتكلم.

google-playkhamsatmostaqltradent