تعاني العديد من المدارس في العالم القروي بإقليمي شفشاون ووزان، من وضعية صعبة، حيث بدأ التلاميذ موسمهم الدراسي في مؤسسات تفتقر لأبسط مقومات البنية التحتية، فبعض هذه المدارس توجد في مناطق شبه معزولة ويصعب الوصول إليها، في حين أوشكت جدران وأسقف مؤسسات أخرى على الانهيار بسبب غياب الصيانة والترميم، مما يشكل خطرا حقيقيا على سلامة التلاميذ والأطر التربوية .
وتزداد معاناة المتعلمين بشكل أكبر مع غياب النقل المدرسي، حيث يضطر الكثير منهم لقطع مسافات طويلة سيرا على الأقدام في ظروف قاسية، خصوصا خلال فصل الشتاء عند هطول الأمطار وانسداد المسالك الطرقية بفعل السيول والوحل، وهو ما يجعلهم عرضة للتعب والانقطاع عن الدراسة .
ورغم أن بعض الجماعات استفادت من حصص مخصصة للنقل المدرسي في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلا أن هذه الاستفادة غالبا ما تُقابل بشروط تعجيزية وعرقلة إدارية، إلى جانب فرض أثمنة اشتراك مرتفعة تحرم العديد من الأسر الفقيرة من الاستفادة من هذه الخدمة، وفي بعض الجماعات القروية يتم تحميل سيارات النقل المدرسي بأعداد تفوق طاقتها الاستيعابية، مما يشكل خطرا على حياة التلاميذ .
ولا يقتصر هذا الوضع على مشكل النقل والبنية التحتية فحسب، بل يمتد أيضا إلى غياب التجهيزات الأساسية داخل الحجرات الدراسية، من مقاعد وطاولات ووسائل تعليمية، الأمر الذي ينعكس سلبا على جودة التحصيل الدراسي، ويرفع من نسب الهدر المدرسي، خاصة في صفوف الفتيات اللواتي يواجهن صعوبات مضاعفة في مواصلة تعليمهن .
ورغم بعض المبادرات المحدودة التي تقوم بها الوزارة والجمعيات المدنية، فإن حجم الخصاص يظل كبيرا ويستدعي تدخلا عاجلا من طرف الدولة والجماعات الترابية، قصد تأهيل المؤسسات التعليمية بالعالم القروي وتوفير نقل مدرسي كاف وآمن، فالنهوض بالتعليم في هذه المناطق ليس خيارا ثانويا، بل ضرورة ملحة لضمان الحق في التمدرس، وحماية مستقبل أجيال كاملة من التهميش والإقصاء