recent
آخر المواضيع

خرق ميثاق الحوار الاجتماعي

الحكومة تضرب الحوار الاجتماعي من خلال خرق أدواته. وأهم أداة له هي الميثاق. فإذا كان الحوار الاجتماعي هو آلية إيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية، المطروحة سواء في الوظيفة العمومية أو في القطاع الخاص، فإن ميثاق الحوار الاجتماعي هو آلية ضبط هذا الحوار.

لا يمكن بتاتا انطلاق الحوار الاجتماعي دون احترام لميثاق الحوار الاجتماعي باعتباره قاعدة السير الطبيعي للحوار، لكن الحكومة حولت الحوار الاجتماعي إلى قضية فولكلورية الالتقاط الصور بينما الإشكالات قائمة والمشاكل تتراكم يوما عن آخر.

أساس ميثاق الحوار الاجتماعي هو التشاركية. أي إن الحكومة ال تقدم على أي خطوة تتعلق بالقوانين والقرارات التي تهم الشغيلة والموظفين، إلا عبر فتح قنوات التداول والنقاش حول الموضوع وأخذ بعين الاعتبار الهواجس التي تؤرق المركزيات النقابية، وعبر التوافق والتواضع على مخرجات ترضي جميع الأطراف.

المقاربة التشاركية هي الغائب الأكبر والضحية الأولى لهذه الحكومة، التي استعاضت عنها بالأغلبية العددية، واستقوت على الجميع بالتصويت داخل المؤسسة التشريعية بدل الذهاب إلى البرلمان بعد أن تكون الأطراف قد استنفدت النقاش حول الموضوع، ففي كل القوانين والقرارات التي اتخذتها لم تستعمل المقاربة التشاركية، التي نص عليها الدستور، الذي هو خالصة المقاربة التشاركية التي ارتضاها جلالة الملك.

ميثاق الحوار الاجتماعي هو الآلية، التي تنظم مسارات الحوار بين أطرافه الثالثة، الحكومة والمشغل بمختلف أصنافه والمركزيات النقابية، هذه الأخيرة اتهمت الحكومة بخرق ميثاق الحوار الاجتماعي من خلال تمرير قوانين اعتبرتها خطيرة على الحقوق والمكتسبات، في تصعيد خطير لحالة التوتر، وفي مقدمتها مشروع قانون دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي كنوبس في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي دون توفير ضمانات دستورية وقانونية واضحة ودون إشراك النقابات الأكثر تمثيلية في مناقشته.

دائما هناك غائب وضحية هو المقاربة التشاركية. ال شراكة مع الحكومة مع أطراف القضية. المعني الأول هو النقابات بما هي ممثل للعاملين. لكن هذا المعني غير معنية به الحكومة وال تشركه في أمرها، الذي تبيته بالليل، فتهرب إلى الأمام من خلال مفاجأة الأطراف المعنية بمشاريع قوانين ليست في علم أحد، وهذا ما تم تسجيله على أكبر مشروع قانون مثير للجدل المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة.

ما كشفته إحدى النقابات مثير للغاية، ومؤسف جدا، قالت إنها تقدمت بأكثر من تعديل )حوالي 16 تقريبا( تتعلق بمشروع قانون الإدماج المذكور، وذلك قصد ضمان الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق القانونية والمكتسبات الوظيفية، إلا أن الحكومة تعاملت بجمود مع هذه المقترحات، ورفضت 90 في المائة منها، مكتفية بقبول تعديلات شكلية لا تمس جوهر الإشكالات المطروحة، وهو ما اعتبرته الكونفدرالية ً لمصداقية ً بمطالب ممثلي الأجراء وضربا استخفافا الحوار الاجتماعي.

خرق الميثاق لا يتعلق فقط بما ذكرنا ولكن بأسس تنظيم مائدة الحوار وقواعدها والتعامل مع مخرجاتها. 


google-playkhamsatmostaqltradent