في مشهد يعكس قسوة السياسات أكثر مما يعكس إنسانيتها، فجّر قرار وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة بإيقاف خدمة دعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة موجة غضب واسعة في صفوف الجمعيات والهيئات النقابية والحقوقية. القرار لم يقتصر على حرمان آلاف الأطفال من حقهم في التعلم، بل أدى كذلك إلى توقيف نحو 9 آلاف عامل وعاملة اجتماعيين كانوا يشكّلون الدعامة البشرية الأساسية في هذا الورش الوطني. ففي وقت كان فيه الجميع يترقب توسيع دائرة المستفيدين من صندوق التماسك الاجتماعي، انسجاماً مع البرامج الحكومية والشعارات المرفوعة حول العدالة الاجتماعية، جاء هذا القرار ليعاكس تماماً روح الدستور الذي نص في فصله الـ34 على ضرورة وضع سياسات عمومية دامجة تضمن الحقوق الأساسية لهذه الفئة.
الأثر المباشر للقرار سيكون حرمان أكثر من 30 ألف طفل في وضعية إعاقة من خدمات التمدرس والتأهيل وإعادة التأهيل، ما يضع الأسر أمام خيار وحيد: التكفل شخصياً بمصاريف المؤطرين والفريق الطبي وشبه الطبي، في معركة مكلفة مادياً ونفسياً من أجل حماية أبنائهم من العزلة وإدماجهم في المجتمع.
وإذا كانت الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم (2015-2030) قد وضعت مدرسة المساواة وتكافؤ الفرص كأفق، فإن الواقع اليوم يسير في الاتجاه المعاكس، حيث لا يزال أكثر من ثلثي الأطفال ذوي الإعاقة ــ أي ما يزيد عن 70 ألف طفل ــ خارج مظلة الدعم، إضافة إلى غياب الخبرات المتخصصة ونقص الموارد البشرية في مجال التربية الدامجة.
الأبواب التي يفترض أن تفتح أمام هذه الفئة في مطلع الموسم الدراسي لا تزال موصدة، إذ لا يمكن الالتحاق بأقسام الدمج حتى شهر أكتوبر. وبين الانتظار والخذلان، يظل السؤال المؤرق: أين هي حقوق هؤلاء الأطفال في وطنهم؟