recent
آخر المواضيع

فاعلون يقترحون حلولا للتكيف التدريجي مع الدراسة بعد العطلة الربيعية


مع عودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة بعد العطلة الربيعية، يلاحظ عدد من الأساتذة أن فئة من المتعلّمين تواجه صعوبة في الاندماج مجددا في الأجواء الدراسية والالتزام بنظام الحياة المدرسية، نتيجة التغيرات التي طرأت على نمط عيشها خلال العطلة المدرسية، لا سيما الاعتياد على السهر والاسترخاء والاستيقاظ في ساعات متأخرة.

في هذا السياق، يُثار بين الفاعلين في الحقل التربوي نقاش حول أسباب التراجع المؤقت في اندماج التلاميذ بعد العطلة المدرسية، وسبل مساعدتهم على استعادة توازنهم الدراسي، باعتماد آليات تربوية ونفسية لمواكبتهم وتحفيزهم على استعادة وتيرة التعلم بشكل إيجابي خلال هذه المرحلة الانتقالية.

التأقلم التدريجي المدرسي

جبير مجاهد، أستاذ باحث في الشأن التربوي، قال إن “الارتباك الطفيف في استئناف الحياة المدرسية يمكن اعتباره طبيعيا، لأن التغيير في نمط الحياة يتطلب فترة زمنية معينة للتأقلم، وهو ما ينطبق على عودة التلاميذ بعد العطلة؛ إذ يجدون في هذه الفترة فرصة للاسترخاء والراحة النفسية قبل استئناف الدراسة”.

وفيما يتعلق بكيفية التعامل مع هذه المسألة، اقترح مجاهد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، “العودة التدريجية للدروس مع تخصيص الحصص الأولى للمراجعة”، و”الاستعانة بأساليب تنشيط متنوعة تشجع التلاميذ على العودة والانخراط الجيد في الدروس”.

كما قدم مجاهد عددًا من النصائح للوالدين، منها “ضبط مواعيد النوم تدريجيا قبل العودة إلى المدرسة بعدة أيام”، و”تقليل استخدام الشاشات في الليل، خاصة الهواتف والتلفاز”، و”تشجيع الأطفال على الاستيقاظ مبكرا حتى في الأيام الأخيرة من العطلة”، و”إشراك الطفل في وضع جدول يومي، مما يعزز لديه الشعور بالمسؤولية”.

مراعاة الفترة الانتقالية

هشام العفو، باحث متخصص في علم النفس المدرسي، قال إن “التلاميذ يعتادون على مسألة السهر والتعامل مع الهواتف وغيرها من الأمور خلال العطلة المدرسية. وبالتالي، فإن ما يلاحظ عليهم حين استئنافهم الدراسة يُعتبر عاديًا من منظور علم النفس المدرسي”، مشيرا إلى أن “التلاميذ يحتاجون بعد العطلة لفترة انتقالية لا تتجاوز يومًا أو يومين فقط من أجل التكيف مع روتين الدراسة وضبط التغيرات، خصوصا على مستوى نمط النوم والسلوك الذي ألفوه أثناء العطلة، والذي قد يؤثر مؤقتًا على التركيز والانضباط، وهذا أمر متوقع وطبيعي لدى معظم الأطفال والمراهقين في سن التمدرس”.

ودعا المتحدث ذاته الأساتذة والأستاذات، من خلال تصريح لهسبريس، إلى “إظهار التفهم والصبر في الأيام الأولى، على اعتبار أن هؤلاء المتعلمين في مرحلة انتقالية، وأن الجسم أيضًا، على مستوى التغيرات الفيزيولوجية، لا يزال غير قادر على استيعاب هذه التغييرات”، و”اعتماد بعض الأنشطة البسيطة التفاعلية التي يمكنها أن تساعد التلاميذ على إعادة الاندماج بشكل تدريجي في أجواء القسم”، و”مراجعة الدروس السابقة بشكل مبسط، مع ضرورة اعتماد مسألة الدعم النفسي، أو ما نسميه التأطير النفسي العاطفي”.

ولفت هشام العفو إلى أهمية “مساهمة التلاميذ في خلق جو متفاعل داخل الفصل”، و”اعتماد مسألة التواصل الإيجابي معهم”، موضحا أن “هذا التواصل يمكن أن يساعد في تخفيف التوتر وتحفيز التلاميذ على العودة إلى الانضباط داخل الفصل؛ إذ يتعين على التلاميذ الخروج من مرحلة الراحة والحرية إلى مرحلة العمل والانضباط”.

وبخصوص دور الآباء والأمهات في هذه المرحلة، أشار هشام العفو إلى ضرورة “إعادة تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ، وتوفير بيئة منزلية هادئة تشجع المتعلمين على الدراسة، ودعم الأبناء نفسيًا، وتفادي الضغط عليهم، مع تحفيزهم لوضع أهداف صغيرة يومية، ومن الأفضل أن تكون هذه الأهداف في متناول التلاميذ، إضافة إلى تفعيل الحوار الإيجابي حول أهمية العودة إلى المدرسة، خاصة مع الأطفال في المرحلة الابتدائية والإعدادية، ومساعدتهم على الاستعداد النفسي والسلوكي للرجوع إلى المدرسة”.

وبالنسبة لتلاميذ الباكالوريا الأولى والثانية، أكد الباحث المتخصص في علم النفس المدرسي ضرورة “إعادة تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ، وتخفيف الضغط والتوتر عليهم، مع جدولة المراجعة بشكل دقيق، ومراعاة مرحلة تغيّر المناخ ودرجة الحرارة وبعض العوامل التي قد تؤثر في مستوى تركيز المتعلم”.

ضغط وحر واستحقاقات

وقال المصطفى صائن، رئيس الفيدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، إن “الفترة البينية الأخيرة تعتبر آخر عطلة في السنة الدراسية، يصل فيها التراكم الدراسي إلى أقصاه، كما تكون متبوعة بعد حوالي ثلاثة أسابيع بالامتحانات الإشهادية، مما يزيد الضغط على التلميذات والتلاميذ”.

وأضاف صائن، في تصريح لهسبريس، أن “الفترة البينية الأخيرة تصادف موجات حرارة مرتفعة ببعض الأقاليم، وانطلاق الأنشطة الترفيهية والسياحية في أقاليم أخرى، مما يجعلها مختلفة عن باقي الفترات؛ إذ ينخفض منسوب الاستراحة ويرتفع منسوب الترقب والتوتر بشكل كبير لدى المتعلمين والمتعلمات، خاصة بعد العطلة الربيعية”.

وأشار المتحدث إلى أن “الإدارات التربوية مطالبة بتدقيق برمجة حصص الدعم التربوي المؤسساتي والإعلان عنها، حتى يطلع عليها التلاميذ، وعلى الأساتذة اتخاذ جميع الاحتياطات لإتمام المقرر الدراسي وتخصيص الأسابيع التالية لترسيخ المعارف والتدريب على الامتحانات ومنهجيات التعامل مع المواضيع”.

وأكد رئيس الفيدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ أن “الأسر مطالبة بتوفير أقصى ظروف السكينة والهدوء لاستئناف الدراسة بشكل جيد بعد العطلة الربيعية، وإبعاد الأبناء والبنات عن كل عوامل التوتر والقلق، من أجل مساعدتهم على تجاوز هذه المرحلة الحاسمة من السنة الدراسية في ظروف ملائمة تحفز على التركيز والاستعداد الجيد للامتحانات الإشهادية”.

 

google-playkhamsatmostaqltradent