recent
آخر المواضيع

مشاورات تجويد المدرسة العمومية: تراجع عن القانون الإطار، ام استدراك للنواقص؟

من خلال إطلاق المشاورات حول تجويد المدرسة العمومية والتي همت كل الفاعلين داخل المدرسة العمومية، باعتبارهم الأكثر احتكاكا بواقع المدرسة العمومية وانتظاراتها، يمكن القول أنها جاءت في اطار خارطة طريق لتحديد أولويات الوزارة خلال السنوات القليلة القادمة من أجل تجويد المدرسة العمومية.

إن هذه العملية (المشاورات) في الحقيقة تجعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى نجاعة القانون الإطار باعتباره وثيقة قانونية تمت المصادقة عليها في البرلمان من أجل الخروج من حالة الارتباك والتراجع عن سياسات الإصلاح وبرامجه بتغير الحكومات باعتبارها وثيقة استراتيجية.

إن ما تشهده الساحة التعليمية اليوم من مشاورات يعتبره البعض إعلانا عن أن الوثائق الاستراتيجية للإصلاح قد أصبحت محل تشكيك، وأن المنظومة تحتاج باستمرار لتحيين ومراجعة أولوياتها وبرامجها بشكل مستمر خارج قواعد التخطيط الاستراتيجي، على اعتبار أن عملية الإصلاح وبرنامج الإصلاح الذي أطره القانون الإطار من خلال المشاريع التي تم التوافق حولها وتحديدها من خلال وثيقة استراتيجية (الرؤية الاستراتيجية 2015/2030)، والتي ساهمت كل القوى الحية في بنائها، بمعنى أن أهداف المنظومة قد تم تحديدها سلفا بإشراف المجلس الأعلى للتعليم وتعكسها مضامين الرؤية الاستراتيجية. لذلك فإننا نطرح السؤال: هل المشاورات هي تشخيص جديد للمنظومة واحتياجاتها والمنتظر منها؟ أم أننا بصدد عملية لتعزيز وتثمين ما تم إنجازه ومحاولة استدارك النواقص في إطار ترتيب الأولويات وفق مستجدات النموذج التنموي الجديد؟

إن هذه المشاورات لا يمكن إلا أن تكون مشاورات في إطار تعزيز مقتضيات القانون الإطار وإضفاء لمسة جديدة تعكس رؤية الحكومة الحالية والتزامها بتنزيل مضامين النموذج التنموي، رغم أن الأمر يعتبر منهجيا تصريحا بأن التشخيص الذي اعتمد سابقا لم يكن تشخيصا يسمح بتحديد الأولويات وربطها بزمن الاصلاح بشكل يحقق معايير الجودة بأفق قريب.

إن القول أن هذه المشاورات هي تراجع عن القانون الإطار ومحاولة بناء تصور جديد حول الإصلاح باعتبار أن هاته المشاورات هي مدخل لمرحلة جديدة من الإصلاح خارج الوثائق الاستراتيجية (الرؤية الاستراتيجية، القانون الإطار) في الحقيقة هو طرح لا يمكن الالتفات إليه لأن القانون الإطار هو قانون ملزم للحكومات السابقة و الحالية والقادمة مستقبلا (على الأقل في أفق 2030) باعتباره وثيقة قانونية تحدد مرامي وأهداف الإصلاح بشكل يجعل منظومة التعليم خارج المقاربات السياسية والحزبية، لذلك فنحن بصدد إعادة ترتيب للأولويات المرتبطة بزمن الإصلاح بناء على الحاجيات ذات الأولوية وارتباطها بالنموذج التنموي الجديد.

نورالدين بن داود 

google-playkhamsatmostaqltradent